الاثنين، 12 فبراير 2018

الفرض التّأليفيّ 1 (تحليل أدبيّ): المحورُ 2: "فنُّ المقامة" (المقامةُ البُخاريّةُ)، 2017-2018.


{ أستاذة العربيّة: فوزيّة الشّطّي، الفرض التّأليفيّ1: التّحليل الأدبيّ، 3 آداب 2 {
{ معهد قرطاج حنّبعل، 2018.01.22 {
{ المَقَامَةُ البُخَارِيَّةُ {
حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشَامٍ قَالَ: «أَحَلَّنِي جَامِعَ بُخَارَى يَوْمٌ وَقَدِ انْتَظَمْتُ مَعَ رِفْقَةٍ فِي سِلْكِ الثُّرَيَّا. وَحِينَ اِحْتَفَلَ الجَامِعُ بِأَهْلِهِ، طَلَعَ عَلَيْنَا ذُو طِمْرَيْنِ قَدْ أَرْسَلَ صِوَانًا، وَاسْتَتْلَى طِفْلاً عُرْيَانًا، لاَ يَمْلِكُ غَيْرَ القِشْرَةِ بُرْدَةً، ولاَ يَكْتَفِي لِحِمَايَةِ رِعْدَةٍ.[...]. فَوَقَفَ الرَّجُلُ، وَقَالَ: 'يَنْظُرُ لِهَذَا الطِّفْلِ إِلاَّ مَنِ اللَّهُ طَفَّلَهُ، وَلاَ يَرِقُّ لِهَذَا الضُّرِّ إِلاَّ مَنْ لاَ يَأْمَنُ مِثْلَهُ. يَا أصْحَابَ الجُدُودِ الـمَفْرُوزَةِ وَالأَرْدِيَةِ الـمَطْرُوزَةِ وَالدُّورِ الـمُنَجَّدَةِ وَالقُصُورِ الـمُشَيَّدَةِ [...]، بَادِرُوا الخَيْرَ مَا أَمْكَنَ، وَأَحْسِنُوا مَعَ الدَّهْرِ مَا أَحْسَنَ. فَقَدْ، وَاللهِ، طَعِمْنَا السِّكْبَاجَ. وَرَكِبْنَا الهِمْلاَجَ. وَلَبِسْنَا الدِّيبَاجَ. فَمَا رَاعَنَا إِلاَّ هُبُوبُ الدَّهْرِ بِغَدْرِهِ.[...]. فَهَا نَحْنُ نَرْتَضِعُ مِنَ الدَّهْرِ ثَدْيَ عَقِيمٍ، وَنَرْكَبُ مِنَ الفَقْرِ ظَهْرَ بَهِيمٍ. فَلاَ نَرْنُو إلاَّ بِعَيْنِ يَتِيمٍ. فَهَلْ مِنْ كَرِيمٍ يَجْلُو غَيَاهِبَ البُؤُوسِ، وَيَفِلُّ شَبَا النُّحُوسِ'. ثُمَّ قَعَدَ مُرْتَفِعًا. وَقَالَ لِلطِّفْلِ: 'أَنْتَ وَشَأْنُكَ'. فَقَالَ: 'مَا عَسَى أَنْ أَقُولَ وَهَذَا الكَلاَمُ لَوْ لَقِيَ الشَّعْرَ لَحَلَقَهُ أَوِ الصَّخْرَ لَــفَلَقَهُ. [...]. وَقَدْ سَمِعْتُمْ، يَا قَوْمُ، مَا لَمْ تَسْمَعُوا قَبْلَ اليَوْمِ. فَلْيَشْغَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ بِالجُودِ يَدَهُ، وَلْيَذْكُرْ غَدَهُ، وَاقِيًا بِـيَ وَلَدَهُ. وَاذْكُرُونِي، أَذْكُرْكُمْ. وَأَعْطُونِي، أَشْكُرْكُمْ'».
قَالَ عِيسَى بْنُ هِشَامٍ: «فَمَا آنَسَنِي فِي وِحْدَتِي إِلاَّ خَاتَـمٌ خَتَّمْتُ بِهِ خِنْصَرَهُ. فَلَّمَا تَنَاوَلَهُ أَنْشَأَ يَصِفُ الخَاتَـمَ عَلَى الإِصْبَعِ قَائِلاً:
'عِلْقٌ سَنِــــــــــــــــــــــــــــيٌّ قَـــدْرُهُ sss لَكِـنَّ مَنْ أَهْدَاهُ أَسْـــــــــــــــــــــــــــــــــــــنَـى
أَقْسَمْتُ لَوْ كَانَ الوَرَى sss فِي الـمَجْدِ لَفْظًا، كُنْتَ مَعْنَى'».
قَالَ عِيسَى: «فَنِلْنَاهُ مَا تَاحَ لَنَا. فَأَعْرَضَ عَنَّا حَامِدًا لَنَا. فَتَبِعْتُهُ حَتَّى سَفَرَتِ الخُلْوَةُ وَجْهَهُ. فَإِذَا هُوَ، وَاللهِ، شَيْخُنَا أبُو الفَتْحِ الإِسْكَنْدَرِيّ. وَإذَا الطَّلاَ زُغْلُولُهُ. فَقُلْتُ:
'أبَا الفَتْحِ، شِبْتَ وَشَبَّ الغُلاَمُ sss فَأَيْنَ السَّلاَمُ؟ وَأَيْنَ الكَلاَمُ؟'.
فَقَالَ: 'غَرِيبًا إذَا جَـمَعَتْنَا الطَّرِيقُ sss ألِيفًا إذَا نَظَمَتْنَا الخِيَامُ'.
فَعَلِمْتُ أنَّهُ يَكْرَهُ مُخَاطَبَتِـي. فَتَرَكْتُهُ. وَانْصَرَفْتُ».
مقاماتُ بديعِ الزّمان الهمذاني، صص: 87-90، دار الفضيلة، ط2، القاهرة، 2012 (بتصرّف)   
الشّرحُ المعجميّ:
¥بُخَارَى: مَدِينةٌ إسْلاَميّةٌ قَديمةٌ بِآسِيَا الوُسْطَى، تَنتمِي الآنَ إلَى دَولةِ 'أوزباكِسْتان'. ¥فِي سِلْكِ الثُّرَيَّا: أَصْدِقَاءٌ مُتَرَافِقُونَ مُتَحَابُّونَ. ¥اِحْتَفَلَ: اِمْتَلَأَ. ¥طِمْرَيْنِ: ثَوْبَيْنِ بَالِيَيْنِ مُـمَزَّقَيْنِ. ¥صِوَانًا: جُزْءٌ مِنَ الثَّوْبِ يَكُونُ وِعَاءً تُحْفَظُ فِيهِ الأَشْيَاءُ. ¥اِسْتَتْلَى: اِسْتَتْبَعَ خَلْفَهُ. ¥بُرْدَةً: كِسَاءٌ يُلْتَحَفُ بِهِ. ¥طَفَّلَهُ: رَفَقَ بِهِ. ¥الضُّرِّ: البَلاَءِ وَالشِّدَّةِ وَسُوءِ الحَالِ. ¥الجُدُودِ: الحُظُوظِ وَالأَرْزَاقِ الوَاسِعَةِ. ¥الـمُنَجَّدَةِ: الـمُزَيَّنَةِ. ¥السِّكْبَاجَ: لَحْمٌ يُطْبَخُ بِالخَلِّ. ¥الهِمْلاَجَ: الدَّابَّةَ الحَسَنَةَ السَّيْرِ. ¥الدِّيبَاجَ: الحَرِيرَ. ¥بَهِيمٍ: فَقْرٍ أَسْوَدَ لاَ يُسْرَ فِيهِ. ¥يَفُلُّ: يُصْلِحُ، يُزِيلُ. ¥فَلَقَهُ: شقَّهُ، كَسَرَهُ. ¥العِلْقُ: النَّفِيسُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. ¥الوَرَى: النَّاسُ، الخَلْقُ. ¥الطَّلاَ: الصَّغِيرُ. ¥زُغْلُولُهُ: اِبنُهُ، وَلَدُهُ.
حلّلْ هذا النّصَّ تحليلا أدبيّا مسترسِلا مُستعينا بالأسئلة التّالية:
-       فَكِّكْ حِيلَةَ الـمُكدِّي أبِي الفَتْحِ الإسْكندَرِيّ.
-       ما الأدْوَارُ الّتِي لَعِبَها الرّاوِي 'عِيسَى بنُ هِشامٍ' في الـمَقامةِ؟ كَيْفَ تَـجَلَّتْ عَلاَقَتُهُ بالإسْكَنْدَرِيِّ؟
-       الكُدْيَةُ 'صَنْعَةٌ' يتعلّمُها الأبناءُ مِنَ الآباءِ ويَتوارثُونَها عَنهمْ. اِستخرِجْ الأدلَّةَ علَى ذلكَ.
-       فِي هَذه الـمقامةِ نقدٌ ضِمنيٌّ لِلانْحِطَاطِ الأخْلاَقِيِّ في مُـجتمَعِ القرن 4ه. بَيِّنْ ذلكَ. 
J عـَــملا مُـــــوفّـــــقا J