الاثنين، 6 ديسمبر 2021

الفرض التّأليفيّ 1: (اللّغة والتّعريب)، نصّ: (غادة السّمّان)، 2021-2022



 أستاذة العربيّة: فوزيّة الشّطّي  الفرض التّأليفيّ 1: اللّغة والتّعريب 

 3 آداب 1، معهد المنتزه، الكبّاريّة، 2021.12.06 

لَـمْ أَلُـمْ نَفْسِي هَذِهِ الـمَرَّةَ لِأَنَّنِي أَعِيشُ أَنْدَلُسَ الـحَنِينِ. فَعَبْرَ ذَلِكَ أُمَارِسُ وَأَنَا عَلَى الـمَيْدَانِ أَنْدَلُسَ الـحِوَارِ مَعَ ذَاتِـي كَخُطْوَةٍ أُولَى لِلْحِوَارِ الـخَارِجِيِّ [...]. إِذْ كَيْفَ يَتَصَالَـحُ مَعَ العَالَـمِ مُتَشَاجِرٌ مَعَ ذَاتِهِ؟ كُنْتُ دَائِمًا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنَ الـحِسِّ بِالذَّنْبِ الـخَفِيِّ. أَبْشِعْ بِهِ مِنْ شُعُورٍ قَاسٍ! لَكِنْ أَتَسَتَّرُ عَلَيْهِ كُلَّمَا قَرَأْتُ أَشْعَارَ التَّبَجُّحِ بِـمَجْدِنَا الأَنْدَلُسِيِّ [...]. وَأَقُولُ لِنَفْسِي: هَذِهِ بِلاَدٌ اسْتَوْلَيْنَا عَلَيْهَا. وَقَدْ حَكَمْنَاهَا بِالقُوَّةِ. وَهْوَ أَمْرٌ نَرْفُضُهُ فِي أَرْضِنَا. فَــلِمَاذَا يَرْضَى بِهِ غَيْرُنَا فِي أَرْضِهِ؟ وَلَعَلِّي كُنْتُ أَهْرُبُ مِنْ زِيَارَةِ إِسْبَانِيَا لِـهَذَا الشُّعُورِ الَّذِي لاَ أَجْرُؤُ عَلَى البَوْحِ بِهِ كَيْ لاَ اُتَّهَمَ بِالـخِيَانَةِ الصُّغْرَى أَوِ العُظْمَى. بَعْدَ زِيَارَتِـي لِلْأَنْدَلُسِ كَادَ يُفَارِقُنِـي هَذَا الـحِسُّ بِالذَّنْبِ. وَعَيْتُ أَنَّ العَرَبَ لَـمْ يَفْتَحُوا هَذِهِ الأَرْضَ وَيَـمْكُثُوا فِيهَا تِلْكَ القُرُونَ الطَّوِيلَةَ بِقُوَّةِ السَّيْفِ بَلْ بِسَطْوَةِ الـحَضَارَةِ وَالتَّفَاعُلِ الأَخَوِيِّ مَعَ أَبْنَاءِ هَذِهِ الأَرْضِ [...]. وَحِينَ اِقْتَتَلَ الإِخْوَةُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَجَاءَ أُمَرَاءُ «الـمِيلِيشِيَاتِ الأَنْدَلُسِيَّةِ»، سَقَطَتْ حَضَارَتُـهُمْ. وَمِنْ يَوْمِهَا وَنَـحْنُ نُتَابِعُ سُقُوطَنَا مَكْسُورِي العَزَائِمِ لِأَنَّنَا لَـمْ نَتَعَلَّمْ شَيْئًا مِنْ أَخْطَائِنَا.

 'القَلْبُ نَوْرَسٌ وَحِيدٌ منشورات غادة السّمّان، ط. 1، 1998 

❀ ص: 37-38  بتصرّف